-1-
عادت السياسة لتجلس على الأرائك. أرائك المنازل التي فتحت أبوابها كأنّ شيئًا لم يتغيّر منذ خمسين عامًا. في اللحظات الصعبة كان الجميع يتحسّس حجم الخسارة الذاتيّة. لم نعد سوى بقايا عظام تحتاج إلى ترميم. ساحة التحرير القاهريّة في أيّامها التي لم تتجاوز العشرين، أعادت الحلم إلى الهياكل العظميّة. لحظة سقوط مبارك منحت السوريين أملًا بإمكانيّة التغيير. احتفلنا لأيّام عدّة. رقصنا وغنّينا بصوت عالٍ من دون خوف، ورفعنا نخب مصر وتونس وثورتيهما. تناقشنا لساعات طويلة. تحدّثت بيقين كامل عن الثورة السوريّة المقبلة وسط نظرات الشكّ التي يرمقني بها رفاقي كحالم تاريخيّ. بعد النقاشات المبتهجة والحارّة ساد صمت عميق في أوساط المجتمع السوريّ. كان ذلك بالنسبة لي لحظة تأمّل في البنية التي بدأت أراقب إمكانيّة تفكيكها، متجاهلًا المخاطر الكبرى ومؤجّلًا كلّ الأسئلة لما بعد الشرارة الأولى التي كنت مقتنعًا تمامًا بأنها تشبه بداية حريق في تبن عفن ورطب، لن تشتعل دفعة واحدة لكن في لحظة لن يستطيع أيّ نظام إخمادها.
بدأت الروح تدبّ رويدًا رويدًا في الأقبية العفنة. شبّان وصبايا لم أعتقد للحظة بأنّ السياسة تهمّهم، اقتربوا منّا واقتربنا منهم أكثر. تحاورنا، وفي نهاية السهرات في المطاعم والمقاهي والبارات كانت الطاولات تنضمّ إلى بعضها بعضًا من دون سابق معرفة، ويسير كلّ شيء على ما يرام. رأيت الحماسة والقوّة في العيون، في الأكفّ التي تصافح، والأذرع التي تحتضن.
حقًّا إنّها رائحة جديدة تنبعث في البلاد. أرفع يدي ليلًا وأشير بالتحية إلى أصدقاء بعيدين. يسألونني إلى أين؟ لا أملك إلّا جوابًا واحدًا: نبحث عن ساحة التحرير. رفاقي يأخذون المهمّة بكلّ جدّيّة. يقيسون المسافات، ونستعين بمهندسين يحلّلون ساحة الأمويين ويؤكّدون أنّها لا تصلح. إنّها مكان مفتوح على جهات عديدة وقريبة من مراكز حسّاسة للنظام. ستكون مكلفة الثمن، وليس فيها أيّ روح. أفكّر بروح الساحات حين تتحوّل إلى رمز للانعتاق.
بعد أيّام أكتشف أنّ آلاف السوريين فعلوا الشيء نفسه. بحثوا عن ساحة التحرير بحزن مشوب بالخذلان وواقعيّة معرفة نظامهم الدمويّ. نعرف في أعماقنا أنّ ساحة التحرير التي تنعّم بها ثوار مصر ستكون مكلفة جدًّا لنا. لكننا لم نتخيّل كلّ هذا الثمن. رأيت بأمّ عينيّ محاولة اقتحام ساحة العباسيين أواسط نيسان (أبريل) من السنة الفائتة. تساقطت جثث المتظاهرين، وفرّق الرصاص الحيّ عشرات الآلاف القادمين كنهر هادر من جوبر ودوما وحرستا في ريف دمشق. باصات الشبيحة تتراصف متلاصقة في ساحة العبّاسيين إلى درجة لم تترك سنتمترًا واحدًا بين باص وآخر. وبعد أحداث ساحة الساعة في حمص، وساحة العاصي في حماه، وساحة التحرير في دير الزور، أدركت وللمرّة الأخيرة أنّ حلمنا بساحة تحرير قد ولّى وزمن رومنسيّة الثورة التي حلمنا بها قد انتهى.
نعم قام بيننا نقاش عبثيّ، لكنّه تمرين قويّ على الحب والثورة السلميّة التي أبدع السوريّون أشكالًا لا تعدّ ولا تُحصى لتفاصيلها. غير أنّها الآن تبدو حلم شباب ونساء اكتشفوا فجأة أنّهم يعيشون مع مجموعة وحوش كلّ هذه السنوات. لا أجد تعبيرًا أفضل من الذهول الذي سيبقى سمة أساسيّة للحياة السوريّة على مدى عقود طويلة، إلّا أنني سأبقى أروي ببراءة قصّة بحثنا المرح عن ساحة التحرير.
-2-
لم يصطحبني أبي من يدي كباقي الأطفال إلى اكتشاف حلب. أمّي عاشت وماتت في مدينتها ولا تعرف الوصول إلى بيت ابنتها في الطرف الآخر من المدينة. تُركنا لاكتشاف زوايا مدينتنا بمفردنا. أضيع مع أصدقاء طفولتي في الأزقّة المتداخلة والحارات، ودومًا في نهاية ضياعنا كنّا نصل إلى الحديقة العامّة التي خطّطها الفرنسيّون وتركوها مكانًا مثاليًّا للتائهين وعابري السبيل والمشّائين المبكّرين صباحًا من أبناء منطقتيّ محطّة بغداد والعزيزيّة. يتوسّط هذه الحديقة الرائعة سياج حجري ومقاعد صغيرة حجريّة لوقوف عازفي الأوركسترا. السقف حجريّ مصمّم لتوزيع الصوت على نحو ممتاز. وأُعتبر نفسي من المحظوظين الذين شاهدوا ذات يوم فرقة رباعي وتري تعزف في المكان ألحانًا كلاسيكيّة. ومن الناحية الجنوبيّة يفتح باب الحديقة على ساحة سعد الله الجابري، وهي عبارة عن مكان مفتوح حتّى سوق الهال جنوب سنتر حلب، مزروع بالأشجار وتتوزّع فيه النوافير. وبأقل من خمس دقائق سيرًا على الأقدام يمكن الوصول إلى باب انطاكية الذي يوصلك السير فيه إلى القلعة بعد أن تخترق سوق المدينة الشهير. مكان متشابك ولا تشبه ذاكرته أيّ مكان في العالم.
-3-
ما زلت حتّى الآن أتحسّس الطعم الأوّل للأمكنة. أوّل مرّة التُقطت صورة لي في الحديقة العامة كنت في الصفّ الخامس، أُمسكُ بعنان بغل يؤجّره صاحبه للمصوّرين على أنّه حصان واقف عند باب الحديقة العامة الباذخ، المتدرّج بنوافير وشلالات ماء يسبح فيها البطّ وقريبًا منها تمثال للشاعر أبي فراس الحمداني. لم أعد أعرف إن كان البطّ حقًا يسبح في ماء تلك الشلالات والنوافير الصغيرة، أم أنّه حلم يقظة يتلبّسني. لا أريد استيضاح الأمر من أصدقاء طفولتي الذين يمتلكون ذاكرة قويّة تدهشني كلما طلبت معلومة عن أماكن حلب تجعلني أشكّ في قدرتي على حفظ الأمكنة. لكنني عندما استسلم لإغواء السؤال أكتشف أنّ لديهم الولع ذاته بإعادة تركيب الأمكنة كما يحلو لهم وتبادل الذكريات التي يجب إعادة سردها مئات المرّات لتبقى عالقة في الذاكرة. وغالبًا ما تكون أسئلتي مفاجئة، إذ يحدث فيما بعد منتصف الليل أن أتّصل بالهاتف بصديق طفولتي زكريّا وأسأله عن اسم المحلّ الذي كان يبيع العجّة عند مدخل باب النصر. يفاجأ الصديق باتصالي في هذا الوقت، لكنّه سرعان ما يسترخي ويشرع بحديث طويل يستحضر فيه تفاصيل وقصصاً قديمة أذكر أنّني ركّبتها بطريقة مختلفة تمامًا.
-4-
كنت وصديق طفولتي زكريّا كرزون نقضي أيّام الأعياد مع شلّتنا في مركز المدينة. تقليد صارم ثابرنا عليه ولم نحد عنه حتّى ودّعنا الطفولة وأيّام المراهقة. نبحث عن أفلام نجلاء فتحي ومحمود ياسين وميرفت أمين وسعاد حسني في سينما أوبرا. نلتهم السندويش اللذيذ متابعين طريقنا لشرب العصير عند عبّارة سينما حلب، تلك الفسحة المفتوحة من الجهتين تحت بناء ضخم، والحافلة بالمحال والمتاجر المتنوّعة. لكن قبل أن تتّسخ ثيابنا نقف أمام كاميرات مصوّري الحديقة العامة الجوّالين لنلتقط لأنفسنا صوراً تذكاريّة، ونعود آخر الليل إلى المنزل منهكين. وأكاد أجزم بأنّه لولا تلك المغامرات الرائعة لكانت طفولتي من دون أيّة صور. عائلتي لم تمتلك كاميرا في حياتها، وأنا لم أكن مولعًا بالتصوير في أيّ يوم من الأيّام. حتّى الآن حين أشتري كاميرا جديدة سرعان ما يكسوها الغبار وتغدو بالية، فأفقدها بين أشيائي التي تضيع على نحو دوريّ من دون أيّ اكتراث. كأنّ من الطبيعي أن تضيع الأشياء كي تكسب قيمتها.
-5-
بعد التقاط الصور، نغادر الحديقة العامة دومًا من الباب الغربي القريب من مبنى شركة الكهرباء. ندور حول سورها لنصل إلى ساحة سعدالله الجابري. لم أشعر في يوم من الأيّام بأيّة علاقة مودة مع هذه الساحة. بل كنت في أعماقي أكرهها. صورتها القديمة ما زالت ثابتة في رأسي ولا أريد التخلّي عنها. أشعر أنّها إهانة لشارع القوتلي الأنيق الذي يمتدّ من باب الحديد إلى الجميليّة، والذي ما زال محاطًا بالأبنية القديمة الأنيقة المتبقية من زمن الثلاثينات حين كانت بلدية حلب تخطط عمران المدينة بإتقان ودون رشاوى ومحسوبيات.
المكان القديم ما زال حيًّا في ذاكرتي. مشفى يعود إلى الحقبة الفرنسيّة، تراسات حجريّة ودرابزونات من حديد مشغول، وأبنية متناسقة الطراز المعماري تصطفّ بأناقة إلى جانب بعضها بعضًا، وأمامها ساحة سعد الله الجابري القديمة المجاورة لسور الحديقة العامّة، وعند إحدى الزوايا يقوم الفندق السياحي بطوابقه العشرة، أو الثمانية لا أدري بالضبط، وعند زاوية أخرى مقابلة مبنى البريد الضخم، وفي الخلف من جهة اليسار كازينو صيفي مفتوح على حدائق تمتدّ حتّى سوق الهال. وعلى خشبة مسرح هذا الكازينو مات محمّد خيري، أعظم موهبة غنائيّة حلبيّة في النصف الثاني من القرن العشرين، وارتبط هذا المكان في ذهني بحدث موت مغنّ على المسرح أمام جمهوره على هذا النحو التراجيديّ. والناظر من ذلك المسرح إلى جهة اليمين سيرى الأبنية مصفوفة بتناسق وترتيب واحد، لتصل إلى باب الحديد والجميليّة. بقيت هذه الصورة في ذهني طويلًا، ولم أسع يومًا إلى إعادة رؤية صور تلك الساحة التي، مثلها مثل أمكنة كثيرة في مدن سوريا، لم تعد مكانًا رحبًا يتواجد فيه الناس، بل مسرحًا رمزيًّا للحزب، يمثّل لي ولأبناء جيلي موقعًا لحشرنا كالأغنام في المسيرات الحزبيّة.
-6-
كان طلّاب مدينة حلب وعمالها وموظفو مؤسسات الدولة يأتون من جهات المدينة الأربع ليصبّوا في ساحة سعد الله الجابري. يقودوننا كخراف اعتادت اللعب مع الذئاب، لكنّ المرح كان دومًا ينقذنا، إذ لا سبيل لخلاصنا إلّا السخرية. حين نصل إلى منطقة التقاء طوفان مدارس البنات مع مدارس الشباب نُضيّع أنفسنا في الزحام. غالبًا نكون قد اتفقنا قبل يوم من الاحتفال مع شلّة من بنات مدرستي معاوية ونابلس للهرب ومتابعة عبثنا الساخر. نهرب إلى الكافتيريات القريبة الناشئة خصيصًا للقاء مراهقي مدارس المتنبّي والمأمون وحلب الخاصّة مع بنات مدرسة معاوية ومدارس الجميليّة والإسماعيليّة، مادّين ألسننا للمخبرين الذين يتناسون غيابنا ونراهم عالقين في صور قائدهم ومتورّطين بحمل أعلام ولافتات يجب إعادتها إلى غرفة الشبيبة بعد العودة من نضال شتم السادات والقادة العرب الذين يختلفون مع القيادة الحكيمة، وطبعًا الأهم والدائم هو تمجيد القائد والحزب القائد والبلد القائد والرفيق القائد الذي يرسلونه ليصطفّ مع مجموعة مسؤولين على شرفة الفندق السياحي. وحين يجتمع “الطوفان البشري”، كما يُعلن التلفزيون الرسمي في جملة أبديّة، يبدأ الرفيق القائد بإلقاء كلمته التي تهتك عرض الإمبرياليّة وتحرّر الجولان عشرات المرّات، حينها نكون غارقين وسط أجواء رومانسيّة مفعمة بالموسيقى الفرنسيّة، محاولين ترك العنان ليدنا كي تصطدم بيد فتاة قربنا، ودائمًا مع تبادل نظرات خاطفة تتقاطع لتشكّل أحلامًا ورديّة لعلاقات حبّ بريئة.
-7-
احتلّ البعثيّون أجمل أبنية حلب. قيادة فرع حلب للشبيبة، ومبنى الأمن الجنائي في العزيزيّة. رابطة عبد المنعم رياض للشبيبة التي تتبع لها مدرستنا، احتلّت بناءً قديمًا من أبنية حيّ الجميليّة، الذي حافظ على رونقه حتّى مطلع الثمانينات، قبل أن تبدأ أعمال تخريبه. أبنية قديمة وجميلة مشادة بحجر حلبي متين تطلّ على الشوارع بنوافذ صغيرة وعالية، وتزدان بزخارف وتيجان وكتابات قديمة، تحوّلت بلمحة عين إلى أبنية قبيحة تفوح منها رائحة الكراهية ويلفّها الإسمنت الرخيص. الجميع في حلب يعرف أسماء المتعهّدين وتجّار البناء المتواطئين مع المسؤولين الفاسدين الذين وضع أحدهم تسعيرة صارمة لكلّ مخالفة، وفي عهده لم يبق بناء أثريّ واحد في مركز حلب. دُمرت أشجار المنشيّة المعمّرة، وراحت نقوش البيوت القديمة تُخرّب ليلًا عن قصد، لتُوقّع اللجان المرتشية صباحًا على تقرير يشير إلى فقدان البناء قيمته الأثريّة مما يجيز هدمه. هكذا ببساطة شربِ كوب ماء، فقدنا طعم المدينة. وبعد سنوات قليلة تحوّل حيّ الجميليّة المُفضي إلى ساحة سعد الله الجابري إلى حيّ تختلط فيه طرز من البناء توحي بالفقر الروحي والقبح، كما توحي لمن يعرف حلب بأن لا بد لهذه المدينة أن تكون قد وقعت تحت حكم غزاة.
-8-
ساحة سعد الله الجابري الجديدة صمّمها مهندسون من مؤسسة الإسكان العسكريّة في نهاية سبعينات القرن الماضي، حين كان رئيس قسم دراساتها المهندس المعماري الحلبي وصديقي هيثم قطاع. وهيثم لا يعرفه الكثيرون من أبناء مدينته ولا يعرفون شيئًا عن فكره، كما لا يكترثون لأيّ حالم وصاحب خيال عظيم، وذلك رغم تصميمه ساحة سعد الله الجابري ومشروع تغطية نهر قويق وعشرات المباني الجميلة في المدينة التي منها القصر البلدي الجديد.
في منتصف تسعينات القرن الماضي كنّا نخرج في منتصف الليل من مكتبه والمدينة في صمت عميق. نركن السيارة قرب المتحف، ونتفقّد مبنى القصر البلدي الجديد الذي دامت عمليّة إكسائه ثلاثين عامًا. بحرقة يشير بيده إلى أخطاء التنفيذ الفاحشة وكنت أتضامن مع صديقي دومًا. لكنّني ذات يوم في إحدى الليالي وجدت نفسي أخبره أنني أكره ساحة سعد الله الجابري الجديدة وأكره التمثال الذي نُصب فيها وهو عبارة عن عمل نحتي سوفياتي الطراز يفتقد لأدنى مقوّمات الذوق والفن. صمت هيثم طويلًا وأخبرني فيما بعد بأنّه صمّم ساحات مدينته بكلّ ما يملكه من شغف، وهم نفّذوها بكلّ ما يملكونه من كراهيّة، غير آبهين إلّا بكيفيّة إيجاد مكان لتجميع قطعان الأغنام البشريّة ليخطب فيها على الدوام رجل فاسد.
في زيارتي الأخيرة إلى حلب في نيسان السنة الفائتة كان الشبيحة قد احتلوا الساحة ونصبوا فيها خيامًا استوطنوها لقمع أية تظاهرة قريبة. ذهبت صباحًا وجلست إلى الطاولة نفسها التي كنت أداوم عليها في مقهى الفندق السياحي. الندَّل الذين لم يتغيّروا يقبِّلونني كصديق قديم ومهاجر. لم أُطق الكلام مع قهوتي. جلست وتأمّلت في ما حدث. كانت المدينة تستيقظ، والشبيحة يستيقظون ويبدأون بثّ الأغاني التي تمجّد قائدهم. حقًّا لقد أصبحت الساحة تشبههم، وهي قطعة ستزول من تاريخ المدينة كما هم زائلون. بعدها بأسابيع قامت إحدى الكتائب المسلحة التي تُطلق على نفسها اسم “كتائب جبهة النصرة” بتفجير الساحة والمباني المحيطة بها. كلّ شيء أصبح ركامًا. الفندق السياحي غدا مجرّد هيكل والساحة مدمّرة بالكامل. ببساطة لم يعد هناك مكان يحلم به أصدقائي كساحة تحرير. فكرت بهم، في آخر لقاء كان الأمل يشعّ في عيونهم بعد أن صنعوا ثورتهم في الجامعة ونقلوها إلى المدينة رغم كلّ العسف الذي رأيناه وخبرناه. هم الآن ضائعون، يبحثون مرّة أخرى عن ساحة للتحرير في مدينة لم تنحن يومًا أمام الغزاة.
نشرت على البوابة التاسعة (نسخة من موقع واي باك ماشين) هنا