الكثير من الكتب منعت في معرض الكويت للكتاب هذا العام، ولأهم الروائيين العرب، وأيضا لكتاب يكتبون الرواية للمرة الأولى، والأسباب معروفة لايزال الثالوث (الدين، الجنس، السياسة) هاجسا لدى الرقابة التي تمنع الكتب ولا تقدم أسبابا للمنع واضحة ومباشرة للكاتب، «القدس العربي» تحدثت إلى مبدعين منعت رواياتهم في معرض الكويت للكتاب بأمر الرقابة، وسجلت مرارتهم لغياب عناوينهم عن التداول:
«حرمة» و«رائحة سوداء»
منعت الرقابة رواياته «حرمه» و»طعم أسود رائحة سوداء» للروائي اليمني علي المقري، الذي يبدو أنه مل من الكلام عن الرقابة، اعتذر عن الحديث لكنه علق تعليقا سريعا: ما الجديد في أمر المنع لقد قلت الكثير عن الرقابة والمنع والمصادرة، قلت كل شيء تقريبا، وإذا كانت هذه مهمتهم التي يعتقدون أن من واجبهم القيام بها، فإن مهمتي أو ما يناسب مزاجي هو أن أبقى أكتب وأكتب وأكتب وليس غير ذلك.
«لا سكاكين في مطابخ هذه المدينة»
الروائي السوري خالد خليفة منع له «لا سكاكين في مطابخ هذه المدينة»، قال: أعتقد بأن الرقيب العربي يثير الشفقة اليوم أكثر من الغضب أو الاحتجاج، لأنه يشبه ذلك الكائن الذي يعيش في أزمنة كل ما فيها قديم، وتدور في ذهنه أفكار عن قوة وهمية كان يتمتع بها أيام شبابه، فيروي الأساطير لأحفاده عن قدرته على المنع والمصادرة والبطش بالنصوص والكتاب والكتب، لكن هؤلاء الأحفاد ينظرون بسخرية ولايجرؤون على إخباره بأن كل موانعه وأفكاره عن الفضيلة لم تعد تجدي نفعاً.
شيء غريب ما يحدث في بعض الدول العربية، شيء غريب هذا الإصرار على استمرار النفاق والكذب والشيزوفرينيا. كيف ستمنع كتابا وأولادك في الغرفة المجاورة لغرفة نومك يستطيعون بكبسة زر واحدة تنزيله على أجهزتهم.
أنت أيها الرقيب لم تعد خصماً، بل عدواً يثير الشفقة.
«سلالم النهار»
الروائية فوزية شويش السالم قالت: في يوم حفل توقيعي لرواية «سلالم النهار» في معرض الكتاب، كنت جالسة في جناح دار العين، وهو الناشر فوجئت بموظفين من الرقابة منعوا حفل التوقيع وطلبوا من الدار رفع الكتب عن العرض، ولم أعرف منهم سبب المنع. وأضافت، واستشف المنع السياسي وراء عدم السماح للرواية، لأنه حتى الجنس فيها يفضح حالة العهر السياسي والطبقة العليا التي تمارسه على الطبقة المسحوقة، من خلال قضية البدون في الكويت، حيث طرحت هذه القضية بشكل مختلف عمن طرحها قبلي، فالرواية غير متعاطفة معهم ولا تطرحهم كمساكين إنما كقوة خفية، لذا جاء الطرح مغايرا وفيه صراع بين الطبقتين والمقارنة بينهما في نمط حياتهما وأسلوب معيشتهما، وأم جاسم التي ترمز للسلطة، كل هذه الطروحات تركت قلقا لدى الرقابة.
وختمت شويش، الرقابة تعرف أن المنع يزيد شعبية الكتاب والكاتب أكثر، وتعرف أنه في زمن التنزيل الإلكتروني (الداون لود) صعب أن تطال رقابتها الكتاب وتمنعه من النشر. ومع هذا فسياساتهم لا توافق العصر الرقمي لأن هدف الرقابة على الكتب في كل الوطن العربي تتفيه الفرد العربي واشغاله بالخرافة، ليكون لدينا جيل التفاهة سهل الانقياد في جماعة «داعش» وغيرها بلا وعي ولا معرفة.
«رائحة التانغو»
الكاتبة دلع المفتي منعت روايتها «رائحة التانغو «من التداول في معرض الكتاب الأخير قالت: منعت روايتي وما قيل لي عن أسباب المنع أن فيها إساءة لسمعة الكويت، لأني أكتب عن قضايا من صميم هموم المجتمع، لكن لو كنت من السذاجة بحيث أكتب أن سعاد تزوجت أحمد وخلفت صبيانا وبنات وعاشوا في ثبات ونبات لأجازوا الكتاب، لأنهم يريدوننا أن نكتب هذا الأسفاف الذي يشبه ما اجازوه لـ»جسوم مع تحياتي وأشواقي» مثل هذه الروايات الهابطة فنيا وأدبيا وأخلاقيا لا أحد يمنعها لكن أن أتكلم عن موضوع الخيانة، وهو موضوع اجتماعي يمس الإنسان ويلتقي مع خيانة الوطن في خط سياسي، وننكأ الجراح وننتقد ما يؤلمنا ويعورنا، هناك نواجه المنع. وأضافت المفتي، لكن أي منع يظنون أنهم ينجحون به، ومن يقدر على منع الكتاب والكلمة في عصر النت والفضاء المفتوح.
وأكدت ضاحكة أن رواية «رائحة التانغو» تخلو من الإباحية وليس بها جنس (أقصاها بوسة)، فأنا أخجل من الكتابة الإباحية وأولادي يقرأون أعمالي، وهي رواية تحكي قصة حياة إمرأة وفيها وجهات نظر اجتماعية وسياسية ليست فيها الجرأة التي كنت أكتبها في مقالاتي الصحافية ومع هذا لم تمنع المقالات من النشر.
«ذكريات ضالة»
الكاتب الشاب عبدالله البصيص الذي منع عمله الأول «ذكريات ضالة» من التداول قال: مر الشهر الثالث على منع روايتي، وحتى هذه اللحظة لم أبلغ بأسباب المنع، لا أعرف ما هي الأسباب كي أتجاوزها في الطبعات القادمة إن كانت فعلا هنالك أسباب موضوعية يؤخذ بها، لا أعرف التجاوز الذي رآه الرقيب في روايتي ليحكم بأنها خالفت القانون، ليتسنى لي ولغيري من الكتاب الالتزام بحدودنا عند الكتابة، أنا باختصار لا أعرف لماذا منعت. وأضاف البصيص، ورغم أن الرواية مجازة في كل العواصم العربية بلا استثناء، يظل بلدي هو البلد الوحيد الذي تمنيت أن يجاز به من كل دول العالم، تمنيت أن يكون الحاضن الأول لتجربتي الأولى، الداعم لباكورة أعمالي ويحز في نفسي أن أوقع كتابي في معرض الشارقة أو الرياض ولا اتمكن ذلك في مجتمعي.
نشرت على القدس العربي هنا