يعود بنا الروائي السوري خالد خليفة في روايته “لا سكاكين في مطابخ هذه المدينة”(دار العين ودار الآداب، 2013) إلى مدينة حلب قبل نصف قرن من الزمن، مشخّصاً قساوة الحياة، والعلاقات الإشكالية في ظل الخوف والأسى والعار، والانكسارات الذاتية التي عصفت بالمدينة، عند استلام حزب البعث الحكم في سوريا.
الرواية الحائزة على “جائزة نجيب محفوظ للرواية” لعام 2013، والمنافسة على “جائزة البوكر”، تسرد وبطريقة فاضحة حياة أسرةٍ أرستقراطية، مؤلفة من أم وأولادها: سعاد وسوسن ورشيد والراوي. أما الأب فلا حضور له لهروبه مع عشيقته إلى أميركا.
الأم تحاول فرض سطوتها الأرستقراطية على العائلة بعد هروب زوجها. سعاد ولدت بإعاقة دائمة كانت سبباً في علاقتها الإشكالية مع والدتها قبل أن تموت. سوسن الفتاة العابثة تحاول أن تخلق بجسدها حياة جديدة لها. رشيد يعيش مع آلته الموسيقية قبل أن يضيع في معارك بغداد، والراوي يسرد تفاصيل العائلة مضيفاً إليها حياة نزار المثلي، شقيق والدته.
تكشف الرواية شكل العلاقات الاجتماعية، بالتوازي مع وسائل الترهيب السلطوية التي عاشتها المدينة خلال نصف قرن، وذلك من خلال اتكائه على تفاصيل التغير الجذري الذي أصاب العلاقات المتبادلة بين العائلة والأصدقاء، نتيجة اختلافتهم السياسية وانقسامهم بين مؤيد ومعارض، إثر تأسيس مرحلة الوشاية وكتابة التقارير.
نقرأ المتغيرات التي أفرزها الانقلاب البعثي في فصول الرواية، وكأننا نفك شيفرات المأزق الذي أوصلنا إلى هذا المكان المجهول، علماً أن الكاتب بدأ كتابة هذه الرواية في عام 2007، وأنهاها في خريف 2013، مع ارتفاع وتيرة الصراع الدائر في سوريا، وسؤاله الأساسي: كيف وصلت حلب الشهباء إلى الخراب؟
في سرده لوقائع المدينة التي يسميها بـ”قلعة الندم”، وفي رسمه لتفاصيل خرابها، يجعل خالد خليفة من حلب نموذجاً لما تفعله الديكتاتوريات بالمكان والناس والأحلام.
نشرت على موقع العربي الجديد هنا