يدخل الكاتب خالد خليفة في مسلسله الجديد «ظل امرأة» عوالم ليست غريبة على الدراما السورية، وعليه تحديدا خلال تجربته مع فراس إبراهيم التي جعلها الأخير عبر عدة مسلسلات تبدو أقرب إلى أفلام هندية تستجدي الدموع من خلال أداء فراس الميلودرامي المتشنج، لكن الكاتب والروائي المعروف حقق في هذا المسلسل قفزة ربما يعود جزء منها الى مجموعة العمل (المخرج نذير عواد بابتعاده قدر الامكان عن الافتعال واستدرار الشفقة على البطل المهزوم. . .والأداء اللافت لمعظم ابطال العمل والموسيقا الراقية) لكن بصمة خالد خليفة على العمل تبدو بادية للعيان.
ولا بد بداية ان نشير الى تميز في موسيقى المسلسل وفي أغنية الشارة، وهما فعلا من روافع هذا العمل، الموسيقى التي اشتغل عليها بعمق وشفافية الفنان رضوان نصري تبدو منسابة مع الحدث، تعيد المشاهد إلى فضاء من الحنين، إلى النقاء الذي يخدش كثيرا من خلال ما يعترض حب وأحلام الإنسان من عوائق وتشوهات.
المسلسل يتناول حياة زوجين عاشقين، يتعرض الزوج الشاعر والصحفي والفنان وائل سالم (عبد المنعم عمايري) إلى حادث يفقده بصره فتحدث تحولات في حياة الزوجين ناجمة عن الوضع الجديد، منها ازدياد الغيرة عند الزوج من أي حركة تقوم بها الزوجة، وهذا أمر طبيعي بسبب نقص ثقته بنفسه بعد إصابته بالعمى، كما تضيق الزوجة وفاء (كاريس بشار) ذرعا بحياتها مع الزوج الحبيب، وتحصل مشادات وخلافات بعد أن يكتشف وائل تغيرات كثيرة في معاملة وفاء له، منها أن زوجته باعت لوحاته الفنية دون علمه، وتصل الأمور إلى دعوى طلاق من وفاء يقوم على إثرها وائل بخطف طفله من منزل أهل الزوجة بمساعدة صديقه وحيد (نضال نجم)، وتدخل عوامل عديدة في تحديد مصائر الزوجين والطفل، ويفتح الوضع الجديد لوائل بصيرته على عوالم جديدة حين يصبح على صلة بمجموعة من العميان الذين يفترشون الأرصفة، وخاصة العجوز ممدوح (خالد تاجا) الذي يعيش من بيع بعض الممنوعات وتهريب العملة إلى لبنان متكئا على عاهته.
على الهامش تنشأ قصص حب وصداقات تتمرد على أدران الواقع وتستمر أو تستلم لها وتنكفىء تاركة مكانها للحقد والانتقام. . .
المسلسل يتعرض إلى أمراض المثقفين وتناقضات الوسط الثقافي والنفاق والدجل فيه، بالتوازي مع وجود أناس كثيرين في هذا الوسط يقفون مع وائل في مصيبته ويشدون من أزره، ويحاولون إعادته إلى الكتابة بالمزيد من اكتشاف مساحات جديدة للحب تسمو بروحه، وتخرجه من الكآبة التي تنبع من شعوره بان الجميع يشفقون عليه.
ورغم بعض المآخذ على المسلسل (وائل يصرف بدون حساب بعد عماه وترك وفاء له، ضعف في أداء دور الأعمى عند عمايري مقابل تألق النجم الكبير خالد تاجا، أجواء غير واقعية لحفلة راقصة على الشاطىء احتفاء بعودة وائل إلى الشعر، تصوير الاهتمام المبالغ به بالشاعر في زمن انكفاء الشعر. . .. ) أقول رغم ذلك فإن المسلسل يسجل حضورا لافتا في الدراما السورية هذا العام بتكامل عناصره من نص مميز وإخراج متقن وموسيقى ساحرة وممثلين كبار، خاصة خالد تاجا رغم صغر مساحة الدور الذي يمثله، والنجمة كاريس بشار التي تؤكد في كل عمل حساسيتها العالية لأدوارها وعلو كعبها في تقمص الدور والحالة، وأدّعي أنها لم تأخذ حقها نسبة الى نجمات صنعن بسرعة وحلقن في سماء الشهرة حتى وصلن إلى . . . . .. مصر.
العمل كما أسلفنا من تأليف خالد خليفة وإخراج نذير عواد ومن إنتاج شركة لين للإنتاج والتوزيع الفني.
والأدوار لـ : خالد تاجا، عبد المنعم عمايري، كاريس بشار، نضال نجم، هدى شعراوي، سلمى المصري، طلحت حمدي، عبدالهادي الصباغ، اندريه سكاف ، كندا علوش، عاصم حواط، مكسيم خليل، ديمة الجندي، وآخرين.
نشرت على الحوار المتمدن هنا