يصور المخرج التونسي شوقي الماجري في سوريا أول عمل تليفزيوني عربي حول الاجتياح الأمريكي للعراق، بعد أن كتب الروائي السوري خالد خليفة سيناريو العمل.
المسلسل الذي يحمل عنوان “هدوء نسبي” بدأ تصويره في مدينة حماه السورية منذ أسبوعين ويلعب بطولته الممثل السوري عابد فهد والمصرية نيللي كريم، مع كوكبة ممثلين من سوريا ومصر والعراق وتونس ولبنان وفلسطين والأردن.
ويوضح الكاتب خالد خليفة في مقابلة مع وكالة فرانس برس أنه كتب عملا “ضخما” فيه أكثر من 150 شخصية، بينها 20 دورا رئيسيا، وسينتقل تصويره بين 180 مكان تصوير في سوريا والقاهرة، بعدما تم استبعاد اسطنبول لضيق الوقت الشديد، إذ من المقرر عرضه في شهر رمضان القادم.
وعدم تعرض الدراما العربية لحرب العراق أمر يثير حيرة خليفة الذي يستغرب “كيف أن حدثا بهذا الحجم يقف أمامنا ولا أحد يقدم عنه شيئا”، معتبرا أن انقسام العرب أنفسهم حول الموقف من حرب العراق، هو سبب في أنهم لا يملكون الحياد اللازم، ليسردوا أحداثه عبر دراما حية.
ومن القضايا التي دفعت باتجاه تجنب خوض الدراما في حرب العراق، ما يدعوه خليفة وقوف العرب في “منطقة الأمان الزائف” التي جعلتهم برأيه يتفادون الذهاب لطرح قضاياهم الحساسة والكبري، وهنا يري الكاتب أن “من الزائف الاعتقاد بأن عدم ذكر الصراع السني الشيعي الكردي يجعله غير موجود”.
ويرصد “هدوء نسبي” بحسب مؤلفه المرحلة الزمنية الممتدة من قبل سقوط بغداد بثلاثة أشهر إلى تسعة أشهر بعده، متناولا ظروف الحرب من زاوية تجربة مراسلي وسائل الإعلام الذين غطوها. ويركز خليفة في السيناريو الذي كتبه على “معاناة الصحفيين العرب تحديدا في حرب العراق”، مضيفا أن “الصحفيين في حرب العراق قتلوا بطريقة شنيعة والمؤسف أن أحدا لا يحاسب”، مذكرا بمقتل 288 صحفيا حتي الآن في حرب العراق.
ويؤكد الروائي والسيناريست السوري، أن رصد حياة المراسلين يتضمن عرض وجهات نظرهم المختلفة حول الأحداث في العراق، لكن في نفس الوقت سيكون التركيز على الحياد المهني كي لا نعطي ما يبرر للذين قتلوا الصحفيين واعتبروهم طرفا في الحرب.
اختار خليفة أن يكون الحب مفتاحه إلى سرد روايته الخاصة عن الحرب مركزا علي قصة حب بين مراسل صحافي سوري (عابد فهد) ومراسلة مصرية (نيللي كريم) يلتقيان بعد نشوب الحرب، كما انه يفسح لقصص حب أخري كي تروي “التفاصيل الشائكة” في يوميات العراقيين، عبر عائلة عراقية تمثل الداخل العراقي وتحوله الي “محط للمحاصصات الطائفية” علي حد تعبير خليفة.
لكن ذهاب الدراما إلي حرب العراق لن يقتصر على رصد حياة مراسلي الحرب وراء الكاميرا، بل سيتطرق إلي قضايا بارزة في هذه الحرب، منها، كما يشرح خليفة، قضية المقاتلين العرب الذين قاتلوا في العراق والاعتقال في سجن “أبو غريب” إضافة إلي “النقاش العميق بين العراقيين قبل وبعد سقوط بغداد” ووجودهم “غير الاختياري” في الميليشيات.
ولا يخفي كاتب العمل أنه يتضمن “موقفا واضحا” من “احتلال العراق”، لكنه يؤكد ايضا علي قاعدة أنه “في الدراما تكون الأفكار هي مجال الصراع”، مشيرا الي اتاحته المجال لكل الشخصيات كي تقول رأيها وتدافع عنه، بمن فيهم شخصيات الجنود الأمريكيين ومعهم “سائر الأطياف” الموجودة علي أرض العراق.
المصادر التي اعتمدها خليفة في خط سيناريو حرب العراق هي حسبما يوضح: مشاهداته المطولة ليوميات الحرب، وشهادات مراسلين اجانب اصدقاء له عملوا في العراق، أبرزها مذكرات مراسلة قناة “العربية” نجوى قاسم، اضافة الي معايشته اوضاع العراق خلال زيارة له قام بها قبل الحرب.
الاعتماد على عرض المادة الوثائقية في العمل سيكون “في محطات صغيرة جدا”، كما يشرح خليفة موضحا أن الرئيس العراقي السابق صدام حسين لن يظهر في أي من هذه المحاطات ولا أي مسؤول عراقي “باستثناء مسؤول صغير”، وأما مشاهد سقوط بغداد فستمر في “لمحة بسيطة” لأن هذا السقوط سيمثل “انتكاسا شخصيا” لمراسلين عرب لم يلغ حيادهم المهني مشاعرهم تجاه بلد عربي هم فيه.
المسلسل الجديد من إنتاج مشترك لكل من قناتي “روتانا خليجية” و “اي آر تي” وقطاع الانتاج المشترك في التلفزيون المصري وشركة “ايبلا” السورية، ووصلت ميزانيته حسبما أعلن في مؤتمر صحافي لإطلاقه حوالي 4 ملايين دولار.
ويلعب أدواره الرئيسية، إلى جانب عابد فهد ونيللي كريم، اللبناني بيير داغر والعراقيان باسم قهار وجواد الشكرجي والتونسي محمد علي جمعة والأردنية نادرة عمران والسورية قمر خلف والفلسطينية نادين سلامة والمصرية اميرة فتحي وغيرهم.
ويلفت كاتب العمل إلى “صعوبة كبيرة” واجهتهم أثناء بحثهم عن ممثلين عراقيين وخصوصا الممثلات، إذ أجروا نحو 200 اختبار ولم يعثروا على ممثلة عراقية مناسبة لدور رئيسي وهو ما اضطرهم إلي الاستعانة بالسورية قمر خلف والعديد من الممثلين المسرحيين المغمورين من أبناء المنطقة الشرقية في سوريا، الذين يجيدون اللهجة العراقية.
وخالد خليفة له العديد من السيناريوهات التلفزيونية منها “زمن الخوف” و”سيرة آل الجلالي”. كما كتب سيناريوهات للسينما، وكانت روايته “مديح الكراهية” وصلت الي القائمة القصيرة المرشحة لنيل جائزة “بوكر” العربية في دورتها الأولي .2008
نشرت على صحيفة العرب هنا