الشاعر خالد عبد الرزاق

أنعي قطعة من نفسي.. أنعي قطعة من تلك المجموعة من الأسماء التي خرجت من “معطف” الملتقى الأدبي لجامعة حلب.. لم نخرج منه شعراء وكتّاباً فقط.. خرجنا منه بتلك الصداقة الفريدة التي إذا مدّ أحدنا يده في أي لحظة سيجد يد واحد من هؤلاء. وكان خالد أحياناً كثيرة أقرب هؤلاء وأكثرهم حماسة وضحكاً.. أتخيل الآن أنه ربما أكثر واحد ضَحِك بيننا.

كان يكتب الشعر مثلنا.. كان اسمه خالد عبد الرزاق، ثم صار خالد خليفة مع انتقاله إلى الرواية.

خالد عبد الرزاق الذي كثيراً ما اجتمعنا في بيت أهله في حلب، تلك الشقة الصغيرة في “الأنصاري- مشهد” التي كانت تضيق بأفرادها، قبل أن تضيق بنا نحن الذين أحياناً كنا عشرة أو خمسة عشر وأكثر. البيت الذي احتضن أصواتنا العالية ونقاشاتنا وأغنياتنا المفضلة.

البيت الذي تعرّفنا فيه إلى إخوة خالد، وإلى والدته أيضاً.. الأم الريفية البسيطة المبتسمة التي أتذكر الآن أن خالد لا بدّ ورث ضحكته منها .. الأم التي ضاقت بنا ذرعاً ذات يوم ونحنا مجتمعون بصخبنا العالي في بيت ابنها، فدخلت علينا ضاحكة، وتوجهت إلى خالد وقالت: “لكْ بس بدي أفهم.. كم رفيق عندك إنتا”!

خالد الذي عرف لاحقاً أنه يحمل قلباً ضعيفاً.. قلباً كبيراً وواسعاً ولكنه ضعيف.. راح يضحك أكثر، يسهر أكثر، ويكتب أكثر.
يُخيَّل لي، وهو يمضي الآن، أنه ضحك عن سنوات قادمة لن يكون فيها بيننا.. نحن الذين بدأ عددنا بالتناقص مع رحيل عبد اللطيف خطاب أولاً، والآن معك يا خالد!

الصفحة العاشرة من العدد 9999 من صحيفة الأيام الفلسطينية

نشرت على الأيام هنا والنسخة المطبوعة هنا

المصدر
الأيام
زر الذهاب إلى الأعلى