خالد خليفة.. نودّعك بمديح الحياة والحب

لا يزال كثيرون من أصدقاء الروائي السوري خالد خليفة، لا يصدقون الخبر الصادم برحيله المفاجئ، بل إن بعضهم اعتبرها “مزحة” لصاحب “خفّة الدم”، و”الضحكة التي لا تتكرر”، و”المُحبّ للحياة”، لتتحول وسائل التواصل الاجتماعي، وخاصة “فيسبوك” و”إكس”، إلى روايات قصيرة حوله يمكن إدراجها تحت عنوان عريض “في مديح خالد خليفة”.

مشيعون يودعون الكاتب السوري الكبير خالد خليفة في مقبرة شهداء تغلب بحي المهاجرين دمشق 2 تشرين الأول 2023. (تصوير حسن بلال)

واختصر الروائي اللبناني إلياس خوري، الكثير ممّا قد يقال حين كتب على “فيسبوك”: خالد خليفة نودعك بمديح الحياة والحب، في حين كتب الروائي الفلسطيني إبراهيم نصر الله، الذي وصف الرحيل بالصاعق، مختصراً أيضاً: خالد خليفة.. لا يمرّ الوقت سريعاً، نحن الذين نمرّ بسرعة.

الروائي المصري إبراهيم عبد المجيد كتب على منصة “إكس”: خبرٌ صادم، وفاة خالد خليفة.. “ليه يا حبيبي تمشي بدري كدا”.. فرحتنا الكبيرة كل يوم بما تكتبه أو يترجم لك من أعمال رائعة.. “كان نفسي تجمعنا الأيام يا خالد”.. مصابنا ومصاب الأدب العربي كبير.. “ربنا يرحمك يا حبيبي، مش قادر أصدق يا ربي”.

الروائي الكويتي طالب الرفاعي، عبر عن صدمته، كاتباً: كأن الموت ينتقي أحبابه صديقي الغالي.. لا عزاء لساحة الرواية العربية.. الموت خطف عشواء، في حين كتب مواطنه الروائي خالد النصر الله: عند رحيل فنّان يفقد العالم رهفاً من جماله، بينما تموت الدنيا ويعيش الروائي.. وداعاً خالد خليفة.

لينا هويان الحسن، الروائية السورية، كتبت: سيبحث النسيان والرثاء عن من ماتوا، لكنه قلّما يعثر على الأدباء، فالأدباء حيّ دائماً يكتبه اليقظة، لكنك استعجلت الرحيل يا خالد، كمن يغادر في منتصف النهار.

بدوره عبّر الروائي اليمني علي المقري عن حزنه الشديد أسوة بغيره، كاتباً: يا للفجيعة.. صديقنا الأبهى والأجمل خالد خليفة يغادرنا فجأة، غصّة في القلب، ولا عزاء لنا بفقدك أيها العزيز.

الروائي المصري أشرف العشماوي، نعى صديقه مختزلاً: الموت عمل شاق فعلاً يا خالد.. وداعاً يا صديقي، في حين عبرت مواطنته الروائية منصورة عز الدين عن صدمتها كاتبة: لا أصدّق الخبر، ولا يمكنني استيعابه.. رحيل خالد خليفة؟!

وفي ذات إطار الاستهجان والصدمة، كتب الروائي المغربي سعيد خطيبي: ظننتها مزحة.. تأكّد الخبر.. وداعاً خالد خليفة.. في لحظة الموت، تذكّر أنك كسبت جولتك مع الحياة.. شكراً لك على الروايات البديعة التي كتبتها، ولا نزال نُعيد قراءتها.. تعلّمنا منك، وسوف نلتقي هناك.

وسرد الروائي العراقي أحمد سعداوي، وكان دائم التواصل مع خليفة، حكاية معرفته للنبأ الصادم، كاتباً عبر منصتي “فيسبوك” و”إكس”: فاتتني طائرتي الثانية، من مطار الدوحة إلى أربيل، بسبب أن وقت الترانزيت ضيّق جداً (حوالى 39 دقيقة)، فأعطوني رحلة بديلة (ترانزيت 13 ساعة).. لم أتبرّم، لأنني معتاد على هذه الدراما.. جلست على أحد المقاعد، وشبكت على “نت” المطار، ليصعقني الخبر الصادم: رحيل خالد خليفة.

ويعدّ الكاتب والإعلامي المصري سيّد محمود من أكثر المقربين على الصعيد الشخصي لخليفة، فسرد عبر “فيسبوك” عديد الحكايات عنهما، منها: في نهاية العام 2003، اتصل خالد خليفة يدعوني لزيارة الشام كما اعتدنا، فاعتذرت لأن زوجتي توشك أن تلد ابنتنا الثانية، فسألني: ما الاسم الذي اخترتموه للمولودة؟ قلت له “سهر”، فردّ قائلاً: لا سيكون اسمها “مريم”، على اسم جدتي وبطلة روايتي التي أكتبها، وقد شاهدت لكم رؤية بذلك.. لم أحكِ لزوجتي أبداً عن هذا الحوار، لكونها كانت متمسكة باسم “سهر”، وبعد أيام جاءت المولودة، ودخل الطبيب يسأل عن اسمها ليكتب الإخطار الرسمي حتى نبدأ إجراءات تسجيلها، فردت زوجتي بحسم واضح: مريم، وبعد عامين صدرت رواية “مديح الكراهية”، وحملت بطلتها اسم “مريم”، وحتى آخر لقاء كان خالد “يناقر” مريم في كل حوار، ويقول لها مازحاً: “تسمعي كلامي ولا آخد منك الاسم”.

وكانت آخر منشورات خالد خليفة على صفحته في “فيسبوك”، وتحديداً في السابع والعشرين من أيلول: الأصدقاء الأعزاء أعاني من أكثر من أسبوع من انقطاع شبه تام في النت والاتصالات.. أنا بخير وكل شيء على ما يرام والبحر ساحر، والعودة إلى دمشق قريبة.

واحتفل بالإنجاز الجديد لروايته “لم يصّلِ عليهم أحد”، كاتباً في 14 أيلول: روايتي “لم يصّلِ عليهم أحد” في القائمة الطويلة لـ”جائزة ناشيونال بووك أوورد”.

وأشاد خليفة بما يحدث، مؤخراً، في السويداء، حيث نشر: “كانت السويداء في القلب دوماً، تحولت منذ أسبوعين إلى الشرايين التي تحيي القلب والجسد المعطوب من جديد، أحبك اليوم أكثر”، وقبلها: “نصف إجازة ونعود مرة ثانية كسمك صغير إلى الشبكة ذاتها”، من أوائل منشوراته في أيلول 2023، الذي أبى أن يختم روزنامته دون تدوينة أكثر من حزينة.. “رحل خالد خليفة”.

الصفحة العاشرة من العدد 9999 من صحيفة الأيام الفلسطينية

نشرت على الأيام هنا والنسخة المطبوعة هنا

المصدر
الأيام
زر الذهاب إلى الأعلى